في منتدى الدوحة الأخير، رصد سيث فرانتزمان تقاربًا لافتًا في مواقف عدد من المسؤولين من دول عربية مختلفة تجاه مستقبل غزة، إذ ظهر اتجاه واضح نحو دفع اتفاق وقف إطلاق النار، المدعوم من إدارة ترامب، إلى مرحلة جديدة تشمل ترتيبات سياسية وأمنية أكثر تفصيلًا، مع إشارة إلى رغبة أمريكية في تسريع هذا الانتقال.
في اليوم الأول من الدورة الثالثة والعشرين لمنتدى الدوحة في قطر، أدرج جيروزاليم بوست هذه التطورات في سياق إقليمي أوسع، كشف تحركًا دبلوماسيًا نشطًا يهدف إلى تثبيت الهدنة وتهيئة ظروف انتقالية في قطاع غزة، وسط تعدد الوسطاء وتضارب الحسابات السياسية والأمنية.
اندفاع عربي نحو المرحلة التالية من الهدنة
خلال أعمال المنتدى، شدد وزير خارجية الانقلاب المصري بدر عبد العاطي على ضرورة نشر قوة دولية لمراقبة وقف إطلاق النار في أقرب وقت، في إطار المرحلة الثانية من الاتفاق المقترح لغزة، بحسب ما نقلت صحيفة “عرب نيوز”. وعكس هذا التصريح استعدادًا عربيًا للتعامل مع ترتيبات أمنية دولية، شريطة ألا تفرض وقائع تؤدي إلى تهجير السكان أو إعادة رسم خريطة القطاع ديموجرافيًا.
في السياق نفسه، أعلن وزير الخارجية التركي هاكان فيدان لوكالة رويترز أهمية إنشاء إدارة مدنية فلسطينية موثوقة وقوة شرطة مدرّبة، بهدف تمهيد الطريق أمام نزع سلاح حماس وتسليمها إدارة القطاع، معتبرًا أن الحركة مستعدة للتخلي عن حكمها مقابل قيام كيان مدني قادر على ضبط الأوضاع.
قطر تضغط لتجاوز مرحلة الجمود
ضغطت قطر، بصفتها الدولة المضيفة للمنتدى وأحد أبرز وسطاء الوساطة، نحو الانتقال إلى المرحلة التالية من الاتفاق، رغم بقاء رهينة إسرائيلي واحد داخل غزة. ورأت الدوحة أن البدء في المرحلة الجديدة قد يحدث حتى قبل الإفراج عن جميع الرهائن، على الرغم من أن الاتفاق الأصلي يشترط تسليمهم كاملًا.
وصف رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني المرحلة الحالية بـ”الحرجة”، مشيرًا خلال إحدى جلسات المنتدى إلى أن المفاوضين يعملون على دفع مسار التهدئة إلى الأمام وترسيخ الهدنة المدعومة أمريكيًا، مؤكدًا دور بلاده المحوري في مواصلة جهود الوساطة بين الأطراف المتصارعة.
عقدة الحدود ومخاوف التهجير
أوضحت مصر أنها لن تفتح معبر رفح لمجرد السماح لسكان غزة بالمغادرة في اتجاه واحد، مؤكدة رفضها القاطع لأي خطة تؤدي إلى تهجير الفلسطينيين أو منعهم من العودة. ورأت القاهرة أن فتح المعبر يجب أن يضمن حركة دخول وخروج متبادلة، لا أن يتحول إلى ممر دائم للنزوح الجماعي.
خلال الحرب، طرحت جهات إسرائيلية سيناريوهات تستند إلى تشجيع سكان غزة على الانتقال إلى بلدان مجاورة مثل مصر أو ليبيا، إلا أن هذه المقترحات اصطدمت برفض إقليمي واسع، خصوصًا من الجانب المصري الذي أعلن بوضوح أنه لن يشارك في أي مشروع يفرغ القطاع من سكانه.
ورغم وجود توافق عام بين عدد من الدول العربية وتركيا على ضرورة نشر قوة دولية لتحقيق الاستقرار في غزة، ظل التردد واضحًا عندما تعلق الأمر بإرسال قوات وطنية للمشاركة فيها. أبدت أنقرة استعدادًا مبدئيًا للمساهمة، إلا أن الحكومة الإسرائيلية عارضت توسيع الدور التركي، نتيجة قلقها من علاقات أنقرة بحركة حماس.
أمام هذا المشهد المعقد، يبدو أن المرحلة التالية من اتفاق غزة ما زالت رهينة لتوازنات دقيقة بين الرغبة في إنهاء الصراع وبين المخاوف من تداعياته السياسية والأمنية. وترجح التقديرات أن الإدارة الأمريكية ستكثف تدخلها والتنسيق بشكل أوسع مع الدول العربية والإسلامية من أجل بلورة صيغة قابلة للتنفيذ، تحفظ الاستقرار ولا تفتح الباب أمام جولات جديدة من العنف.
https://www.jpost.com/middle-east/article-879411

